2024-03-18 06:13:52
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ذرْ هؤلاء الذين اتخذوا دين الله وطاعتهم إياه لعبًا ولهوًا، فجعلوا حظوظهم من طاعتهم إياه اللعب بآياته، واللهوَ والاستهزاء بها إذا سمعوها وتليت عليهم، فأعرض عنهم، فإني لهم بالمرصاد، وإني لهم من وراء الانتقام منهم والعقوبة لهم على ما يفعلون، وعلى اغترارهم بزينة الحياة الدنيا، ونسيانهم المعادَ إلى الله تعالى ذكره والمصيرَ إليه بعد الممات.
(الطبري)
......
واعلم أنه تعالى أمر الرسول بأن يترك من كان موصوفا بصفتين:
الصفة الأولى: أن يكون من
صفتهم أنهم اتخذوا دينهم لعبا ولهوا، وفي تفسيره وجوه:
الأول: المراد أنهم اتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام لعبا ولهوا حيث سخروا به واستهزءوا به.
الثاني: اتخذوا ما هو لعب ولهو من عبادة الأصنام وغيرها دينا لهم.
الثالث: أن الكفار كانوا يحكمون في دين الله بمجرد التشهي والتمني، مثل تحريم السوائب والبحائر، وما كانوا يحتاطون في أمر الدين البتة، ويكتفون فيه بمجرد التقليد فعبر الله تعالى عنهم بأنهم اتخذوا دينهم لعبا ولهوا.
والرابع: قال ابن عباس: جعل الله لكل قوم عيدا يعظمونه ويصلون فيه ويعمرونه بذكر الله تعالى. ثم إن الناس أكثرهم من المشركين، وأهل الكتاب اتخذوا عيدهم لهوا ولعبا غير المسلمين فإنهم اتخذوا عيدهم كما شرعه الله تعالى.
والخامس: وهو الأقرب، أن المحقق في الدين هو الذي ينصر الدين لأجل أنه قام الدليل على أنه حق وصدق وصواب.
فأما الذين ينصرونه ليتوسلوا به إلى أخذ المناصب والرياسة وغلبة الخصم وجمع الأموال فهم نصروا الدين للدنيا، وقد حكم الله على الدنيا في سائر الآيات بأنها لعب ولهو. فالمراد من قوله: ﴿وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا﴾ هو الإشارة إلى من يتوسل بدينه إلى دنياه.
الصفة الثانية: قوله تعالى: ﴿
وغرتهم الحياة الدنيا﴾ وهذا يؤكد الوجه الخامس الذي ذكرناه كأنه تعالى يقول: إنما اتخذوا دينهم لعبا ولهوا لأجل أنهم غرتهم الحياة الدنيا.
فلأجل استيلاء حب الدنيا على قلوبهم أعرضوا عن حقيقة الدين واقتصروا على تزيين الظواهر ليتوسلوا بها إلى حطام الدنيا.(الرازي)
14.2K views03:13