2024-01-04 21:39:44
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ- مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ».في هذا الحديث من الفقه الحث على الجهاد أو تمنيه؛ لمن لم يمكنه النهوض إليه، فإن لم ينهض فهو على شعبة من النفاق؛
فإن النفاق ضد الصدق، والصدق في أعداء الله تجريد حربهم سرا وجهرا، فشأن المؤمن أن يكون محاربا لأعداء الله إن استطاع ذلك معلنا به، وإلا كان ناويا وعازما عليه؛ فإذا ضرب عن ذلك في جهره، ثم أضرب عنه في سره؛ فإنه على شعبة من النفاق؛
إذ الشعبة قد تؤدي إلى الوادي.(الإفصاح لابن هبيرة)
فيه ما يدل على أن من لم يتمكن من عمل الخير فينبغي له أن يعزمَ على فِعله إذا تمكن منه وأن ينويه، فيكون ذلك بدلًا من فعله في تلك الحال. فأما إذا أخلى نفسه عن ذلك العمل ظاهرًا وباطنًا عن نيته؛
فذلك حالُ المنافق الذي لا يعملُ الخير، ولا ينويه. وخصوصًا: الجهاد الذي به أعز اللهُ الإسلام، وأظهر به الدِّينَ حتى علا على كل الأديان، ولو كره الكافرون.
وقوله: (شعبة من نفاق)؛ أي: على خُلُقٍ من أخلاق المنافقين.
(المُفهم للقرطبي)
والصواب: أنه عام في كل زمان وعهد، وأن من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق.
فينبغي على الإنسان أن يكون على استعداد لجهاد الكفار والمشركين، وأن يتهيأ لذلك، بحيث يحدث به نفسه، ويكون له على بال، فإذا حصلت فرصةٌ جاهد في سبيل الله؛ حتى لا يكون من المعرضين المتخلفين عن الجهاد كالمنافقين.
(عبد العزيز الراجحي)
وهكذا أمر الله بالجهاد، وبين فضله، وتسارع الصحابة إليه، وما تقاعس عنه بدون عذر إلا المنافقون. وفي هذا الحديث يحذر ﷺ من هذا التقاعس، وينذر صاحبه بعذاب يوم القيامة، بل يحذر القاعدين أصحاب الأعذار من عدم الحرص، ويدعوهم إلى الرغبة فيه، والتشوق إليه بقلوبهم، ليكونوا مع المجاهدين بأرواحهم، حيث لم يصاحبوهم بأبدانهم، فكل من لم يحدث نفسه، ويتمنى في نفسه الجهاد لم يكن غيورا على الإسلام، ولم يكن يحب الله ورسوله، وذلك شعبة من النفاق.
(موسى لاشين)
وعَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «
مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ .. أَصَابَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
(أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ): أَيْ: بِشِدَّةٍ مِنَ الشَّدَائِدِ، أَيْ: بِبَلِيَّةٍ تَقْرَعُهُ وَتُهْلِكُهُ وَتَصْرَعُهُ وَتَدُقُّهُ، وَلِذَا سُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ بِالْقَارِعَةِ (قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «
مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِغَيْرِ أَثَرٍ مِنْ جِهَادٍ لَقِيَ اللَّهَ وَفِيهِ ثُلْمَةٌ» وَهِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ النَّقْصُ وَالْعَيْبُ.
(مرقاة المفاتيح، الملا علي القاري)
18.2K views18:39