Get Mystery Box with random crypto!

باب ملاطفة اليتيم والبنات، وسائر الضعفة، والمساكين، والمنكسرين | ريَـاضُ الصّالِحين

باب ملاطفة اليتيم والبنات، وسائر الضعفة، والمساكين، والمنكسرين، والإحسان إليهم، والشفقة عليهم، والتواضع معهم، وخفض الجناح..

الحديث : ٢٤٢

عن سعد بن أبي وقاص قال: "كنا مع النبي ﷺ ستة نفر فقال المشركون للنبي ﷺ: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه، فأنزل الله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
يريدون وجهه

 [الأنعام: 52] [رواه مسلم]


الشرح
اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا"، يعني اطرد هؤلاء الضعفاء والفقراء والمساكين، لا يجترئون علينا، يعني لئلا ينكسر الحاجز بين هؤلاء وبين هؤلاء، فيتعاملون معهم كأنهم أنداد، أو أقران أو نظراء، فهم في مقاييسهم يمثلون طبقة عليا، ولا يرون هؤلاء في عداد البشر، لا نجلس معهم، لا يُظلّنا وهم سقف واحد، اطرد هؤلاء، يقول: "وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما"، قيل: هما أبو بكر وعلي -رضي الله عنهما، ولا يخلو من بُعد.
قالوا: كره أن يسميهم؛ لئلا يلحقهم معرة بسبب ذلك، يعني هؤلاء جعلوهم في عدادهم، وهم يعملون أنهم من أشراف قريش، لكنهم كرهوهم لاختلاف الدين، لا نجلس معهم، يقول: "فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع"، وقع يعني في قلبه، ما شاء الله أن يقع يعني من طرد هؤلاء، من إبعادهم، أن يكلهم إلى إيمانهم، وذلك أن النبي ﷺ كما هو معلوم لما قسم القَسم -الغنيمة- في غزوة حنين أعطى عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وأبا سفيان، وابنه معاوية، وعمرو بن العاص، وجماعة من كبراء الناس، وعظمائهم يتألفهم على الإسلام، وترك الأنصار ما أعطاهم شيئاً، فلما وقع ذلك في نفوس بعضهم جمعهم النبي ﷺ وخطبهم، وبين أنه وكلهم إلى إيمانهم، "فحدث نفسه ﷺ فأنزل الله تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ الأنعام:52[1]، رواه مسلم.
حدث نفسه لماذا؟ محبة لهؤلاء الكبراء، مجاملة لهم؛ لأنه يميل إلى الأغنياء دون الفقراء؟، أبداً، إنما هؤلاء كانوا الرؤساء فإذا أسلم هؤلاء الناس أسلم مَن وراءهم، فهم تبع لهم، فطمع النبي ﷺ بإسلام الناس إذا جلس إليه هؤلاء واستمعوا له، فبين الله له أن الأمر على خلاف ذلك، وأن هذا الأمر الذي طلبوه لا يجوز إجابتهم فيه بحال من الأحوال، ولربما اقترحوا على النبي ﷺ أن يجعل لهم يوماً ويجعل لهؤلاء يوماً، المهم أن لا يجلسوا معهم، ولربما اقترحوا عليه أن يجلس معهم بعض الوقت فإذا قاموا عنه جلس إلى من شاء من هؤلاء الناس، وقد جاء في بعض الروايات كما جاء عن خباب بن الأرت قال: "جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدوا رسول الله ﷺ مع صهيب وبلال وعمار وخباب، قاعداً في ناس من الضعفاء...