قال الأصمعي : أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة وبينما أن | روايات وقصص تاريخيه
قال الأصمعي :
أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة وبينما أنا في بعض طرقها إذ اقبل اعرابي جلف جاف على قعود له متقلداً سيفه وبيده قوساً فدنا وسلم وقال ممن الرجل ؟ فقلت من بني الاصمع
فقال لي : أنت الأصمعي ؟ قلت : نعم
قال : من أين أقبلت ؟ قلت : من موضع يتلى كلام الرحمن قال : أو للرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟ فقلت : نعم يا أعرابي فقال : أتل علي شيئاً منه
فقلت : أنزل من قعودتك فنزل وابدأوا بسورة الذاريات حتى إنتهيت الى قوله : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ )
قال الأعرابي : يا أصمعي هذا كلام الرحمن ؟
قلت : إي والذي بعث محمد بالحق إنه لكلامه أنزله على نبيه محمد ﷺ
فقال لي : حسبك فقام إلى ناقته فنحرها بسيفه وقطعها بجلدها وقال : أعني على تفريقها فوزعناها على من أقبل و أدبر ثم كسر سيفه وقوسه وجعلها تحت الرملة وولى مدبراً نحو البادية !
وهو يقول : ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾
فلما تغيب عني أقبلت على نفسي ألومها وقلت : يا أصمعي قرأت القرآن منذ ثلاثين سنةً ومررت بهذه وأمثالها فلم تنتبه لما تنبه له هذا الأعرابي و لم يعلم أن للرحمن كلام ؟
فلما قضى الله من أمري ما أحب حججت مع هارون الرشيد أمير المؤمنين فبينما أنا أطوف بالكعبة إذا أنا بهاتف يهتف بصوت رقيق يقول : تعال يا أصمعي تعال يا أصمعي فالتفت فإذا أنا بالأعرابي !
فجاء وسلم وأخذ بيدي وأجلسني وراء المقام فقال : اتل من كلام الرحمن ذلك الذي تتلوه
فابدتأت ثانياً بسورة الذاريات فلما انتهيت الى قوله : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) صاح الأعرابي وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ، قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ثم قال :
يا أصمعي هل غير هذا للرحمن كلام ؟ قلت نعم يا أعرابي : يقول الله عز وجل :