2023-09-14 15:52:17
فالعبدُ في هذه الدار مفتونٌ بشهواته، ونفسه الأمّارة، وشيطانه المُغوِي المزَيِّن، وقُرنائه، وما يراه ويشاهده مما يعجز صبره عنه، ويتفق مع ذلك ضعف الإيمان واليقين، وضعف القلب، ومرارة الصبر، وذَوْقُ حلاوة العاجل، وميل النفس إلى زهرة الحياة الدنيا، وكون العِوض مؤجّلًا في دار أخرى غير هذه الدار التي منها خلق، وفيها نشأ، فهو مكلفٌ بأن يترك شهوته الحاضرة المشاهدة لغيبٍ طُلب منه الإيمان به:
فَوَ اللّهِ لَوْلا اللهُ يُسْعِدُ عَبْدَهُ
بِتَوْفِيقِه وَاللهُ بِالْعَبْدِ أَرْحَمُ
لَمَا ثَبَتَ الإيمَانُ يَوْمًا بِقَلْبِهِ
عَلَى هذِه العِلاّتِ وَالأَمْرُ أَعْظَمُ
وَلا طَاوَعَتْهُ النّفْسُ في تَرْكِ شَهْوَةٍ
مَخَافَةَ نَارٍ جَمْرُها يَتَضَرَّمُ
ولا خاف يومًا من مقامِ إلهه
عليه بحكمِ القسطِ إذ ليس يظلم
ابن القيم | إغاثة اللهفان
14.2K views12:52