انجلت الغبرةُ ، وهدأ صَهيلُ الخيلِ ، وسكتت الجيادُ عن الحَمْحَمةِ ، وخَبْت بوارق السيوف واسرعت الشمسُ غَضبى إلى زاوية المَغيب ... ها هو الحسين عليه السلام رجل العقيدة والمبدأ سبط النبي، وريحانة الزهراء، قد أمسى مُقطَّعَ الأوصال ، قد رُحِّلَ رأسُهُ الطاهر ، وها هو جسده الشريف عارٍ قد سُلِبَ مِن كُلِ لِباسٍ لا يستره شيء غير غبار المعركه و بِركَة الدم الطاهر الأبي ...
المنظر كئيبُ ، والجريمة بَشِعَةٌ ، و شلالُ الدمِ ينحَدِرُ من أرض الطّفوف . والاجسادُ أجساد القتلى تتناثر في رحابِ الميدانِ تناثرُ النجوم في أُفقِ السماء ،
ابو الشهداء الحسين السبط عليه السلام وسبعة عشر من إخوته وأبنائه وأبناء عمومته وبني أخيه ، وستون من أصحابه ، يملأون أُفق المِيدان ....
وعلى مَقربةٍ من ارض المعركة قد ضربَ مُخيم الحُسين عليه السلام أطنابَهُ ، ليس فيه إلا النسوة والأطفال الصغار ، وإلا علي ابن الحسين السجاد عليهما السلام ، الذي بعد به المرض عن البروز الي القتال ...