Get Mystery Box with random crypto!

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنة | NH

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ
السَّنةُ العاشِرة
(٢٥)
نـــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر
{أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}.
لماذا نفشل؟! ولماذا نتحسَّر دائِماً؟! ولماذا نُكرِّر كلِمة [لَو]؟! لو لَم نفعَل! لو كُنَّا قد فعَلنا! كما في قولهِ تعالى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
هذا السُّؤَال الأَزلي تبحث عنهُ البشريَّة منذُ قديمِ الأَزمِنة، فالإِنسانُ الفَرد يُريدُ أَن ينجحَ ويسعى لتحقيقِ النَّجاح فهوَ يكرهُ الفشَل ولا يحبُّ أَن يُسمَّى فاشِلاً يُشارُ إِليهِ بالبنانِ في المُجتمعِ، والإِنسانُ المُجتمع والأُمم والشُّعوب كذلكَ تُريدُ أَن تنجحَ ولا تُريدُ أَن تفشلَ وتظلَّ تسيرُ في نهايةِ ركبِ البشريَّةِ، عالةٌ على الحَضارة، تستهلِكُ ولا تُنتِجُ، كما يصِفُ القرآن الكريم مثلَ هذهِ الحالاتِ بالمثَلِ الذي يضربهُ بقولهِ تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
فلماذا نفشَل؟! هل لأَنَّنا لا نمتلكَ أَدَوات النَّجاح كالعقلِ والإِرادةِ، هذا على المُستوى الإِنساني وخلقِ الله، ومصادِر الطَّبيعة والإِمكانيَّات والقُدُرات، وهذا على المُستوى المادِّي؟! أَم أَنَّ الله تعالى خلقَنا فاشِلُونَ وخلقَ أُمماً أُخرى ناجِحة؟!.
أَبداً، ليسَت هذهِ هيَ الأَسباب، فلقد منحَنا الله تعالى كُلَّ شيءٍ وأَكثر كما منحَ الآخرين كُلَّ شيءٍ، إِنَّما الفَرق بينَ النَّاجح والفاشِل أُموراً وأَسباباً تتعلَّق بالطَّريقة التي يُسخِّر فيها كُلّاً مِنهم ما خلقَ لهُ الله تعالى وسخَّرَ لهُ وبالإِسلُوب الذي يوظِّف بها كُلَّ ذلكَ لمشاريعهِ سَواء على الصَّعيد الفردي [الشَّخصي] أَو على صعيدِ الجماعة [الأُمَّة].
فالنَّاجح يوظِّف كُلَّ ذلك لخدمةِ مشاريعهِ، أَمَّا الفاشِل فيوظِّف نفسهُ عندها لخدمتِها! أَي أَنَّ المُعادلةَ مقلوبةً عندَ الفاشِل!.
ولقد تحدَّثَ القرآن الكريم عن ذلكَ وضربَ لنا أَمثلةً مِن أُممٍ سابقةٍ وقرُونٍ خلَت، حتَّى لقد أَوصى أَميرُ المُؤمنينَ (ع) ولدهُ الحسَن السِّبط (ع) أَن ينظُرَ فيها كعِبَرٍ ودرُوسٍ، في مبتدَئها ونِهاياتها لِما تُمثِّلهُ من طاقةٍ تُحيي القلب، بحُلوِها ومُرِّها، بقَولهِ {أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَأَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ وَنَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ وَذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَقَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ وَبَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَسِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا وَعَمَّا انْتَقَلُوا وَأَيْنَ حَلُّوا وَنَزَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الْأَحِبَّةِ وَحَلُّوا دِيَارَ الْغُرْبَةِ وَكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ فَأَصْلِحْ مَثْوَ اكَ وَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ} لماذا؟! {وَأَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَتَهُ فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلَالِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْأَهْوَ الِ} وأَكثر {لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَتَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَعُوفِيتَ مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ}.
ومِِن ذلكَ على سبيلِ الفَرضِ لا الحَصر؛