Get Mystery Box with random crypto!

《مودة ورحمة》 مقال|| حنان لاشين. أحيانًا تمر زوجةٌ ما أو ربما | حنان محمود لاشين

《مودة ورحمة》
مقال|| حنان لاشين.
أحيانًا تمر زوجةٌ ما أو ربما زوجُها بأسوأ أيام حياتهما، يظن أحدهما أن الدنيا قد اسودَّت، وأنه أتعس إنسان على وجه الأرض، وحيدٌ رغم قرب شريك حياته، يشعر بوحشة شديدة، يفتقر إلى الحب، يشعر أنه قلب مكسور.
عند الخلاف سيُنْسيهما الشيطان حلاوتهما التي عاشاها معًا، سينسيهما طعم الحب الحلال! ستحلو كل حكايات الحب والقصص، وقصة عروس صديقتها، ومواقف زوج جارتها، وستُقارنه بزميلها في العمل!
ستجلس وتُقلِّب في ذاكرتها، وتجمع كل لحظة آلمها بها، وتجترُّها جميعًا وتعيشها مرة أخرى، ستشعر أنه بشعٌ، وتتمنى أن تستردَّ نفسها التي خسِرتها، تلك النفس القديمة التي كانت غارقةً في أحلام يقظة وَرْدية، سيُزيِّن الشيطان كل شيء، كل شيء؛ حتى يُفرِّق بينهما.
سيخسر هو أيضًا عندما يقارنها بكلِّ فتاة جميلة يراها أو يلتقي بها في أي مكان بعيدًا عن ضغوطات الحياة؛ فتبدو كنسمة رقيقة، وربما -تلك الأخرى- هي في بيتها ومع زوجها بركان ثائر تمامًا كزوجتِه، وسيشعر بالظلم ويتمنَّى أن تعود الأيام وﻻ يراها، ويحب من جديد!
يُفكِّران في الطلاق وكأنه الحل السِّحري، كل الطرق إن سألتها ستكون مسدودة، كل الأسباب لو حاولت إقناعه ستكون غيرَ مقنعة، هي ستكون قبيحةً في عينيه، وهو سيكون ظالمًا جبارًا في عينيها، كلاهما سيشعر أنه تحمَّل الكثير وأن هذا يكفي، سيتدخل أهلها وأهله، ولأن كلًّا منهما بفطرته يحب أهله، فلو اختلفت مع أمه وأبيه سيكرهها، ولو أساء هو لأمها وأبيها ستُبغِضه، وكثرة الكلام تزيد المشاحنات والتباغض، وكلما ﻻن كلاهما للآخر أتت كلمةٌ من طرفٍ من الأهل لتُعكِّر الأمور مرة أخرى، فهم لن ينسوا أبدًا تلك الكلمات التي خرجت من أفواهِهما عند الغضب!
الحياة ضغوط ومسؤوليات، وتحتاج إلى لين ومرونة، واتساع صدر، وتقبُّل لحقيقةٍ؛ وهي:
• لا يوجد إنسان كامل.

• أنت لست إنسانًا كاملًا.

• لا تطالب أهلك بالرضا عن شريك حياتك مائة بالمائة.

• لا تكرَه شريك حياتك لأن هناك فردًا من عائلتك يكرهه.

• لا تتوقَّع أن الحياة وردية وسعيدة طوال العمر وكل لحظة؛ فهناك لحظاتُ فتور، ولحظات خمول، ولحظات ضيق، ولحظات فرج.

• تقبَّل شريكك كما هو، تحمَّل بعض النقص، وافرَح بما فيه من مميزات.

• حاول الابتعاد عن الأهل والأقارب، وجرِّبا أن تكون حياتُكما مغلقة عليكما أنتما معًا، أَوْ لو كان معكما أبناء، لبعض الوقت.

• لابد أن يكون هناك شيء خاصٌّ بكما ﻻ يعرفه أحد، مساحة محظورة على الجميع إلا أنتما، حتى لو كان أمرًا تافهًا، وحتى لو كان بسيطًا.

• توقَّفا عن الشكوى، فقد جرَّبتما الكلام وكثرة اللوم والعتاب، فهل حُلَّت المشاكل؟ بالطبع ﻻ.

• رغم تدخل كبار العائلة لم يتغير الحال؛ لأن بداية حلِّها ليس مِن هناك، بل من داخلكما، نخطئ أحيانًا عندما نخلط بين الخلاف والاختلاف، واختلافنا عمَّن حولنا هو في الحقيقة سببٌ لتكاملنا جميعًا؛ فمثلًا المرأة تختلف عن الرجل ولا تستطيع أن تصف اختلافها عنه وأنوثتها بأنها نقص عنه، والعكس بالعكس، فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى مختلفينَ في أشياء كثيرة؛ منها الشكل، والطباع، واللغة، والاهتمامات، وطريقة التفكير، وغيرها الكثير؛ لنتشاركَ فيما بيننا، ويعوض كل منا الآخر، ونعمل معًا كأصابع اليد الواحدة؛ مختلفةٌ لكنها تعمل معًا.
اشتداد الخلاف يؤدي لنزاع وشقاق، والشِّقاق هو الوقوف في شقٍّ؛ أي: في جانب يقابل ويضاد الجانب الآخر.. وهءا ما لا نرجوه.
يقول ابن القيم: "وقوع الاختلاف بين الناس أمرٌ ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقُوى إدراكهم، ولكن المذموم بَغْي بعضهم على بعض وعدوانُه".
ولهذا لا بد أن يكون خلافنا في الرأي منضبطًا، وخاصة لو كان الخلاف بين زوجينِ، أُخالِفك فأحترمك، أخالفك فأسمع منك، عندما يبدأ أحدُكما - أو كلاكما - في التنازل بقدرٍ معقول يكفي الآخر أن يتقدم مقتربًا منه قليلًا، تودُّد من زوجة، وتراحم من زوج، ربما ستتألم وستكون في حالة مزاجية سيئة، أرجوك لا تُظهِرها، ولو ﻻحظت أن شريكك يحاول الاقتراب منك، لكنه ليس منبسط الملامح، وكأنه يبتلع شيئًا رغمًا عنه بمرارةٍ، أغمِضْ عينيك، وكأنك لم تلاحظ، واحتوِه وابتسِم وتقبَّل تلك المبادرة بصدرٍ رَحْب، وحتى إن كان زوجكِ سيِّئ الخُلق، أعطيه فرصة أخيرة وأنتِ على طاعة، تُوبي واستغفري واصبري، وأما إن كنتِ غارقة في غفلتِك ومعاصيكِ، فكيف تطلبين السعادة وأنت تقفين على باب الشقاء؟!
وأنت أخي الكريم، زوجتك سيئة الطباع، أعطِها فرصة أخيرة، فرصة وأنت قريب من ربِّك، وإلا فكيف تطلب السعادة وأنت مِن العصاة؟! لكل منا لحظة انهيار وإحباط وظلمة، ولكل بيت لحظاتٌ صعبة، وأقرب البيوت إلى الله تلك التي تشهد أركانُها أن كليهما سجد مستغفرًا، ولم يقصر في طاعة، ففرج الله عنهما، بيوت تعرف رائحتَها الملائكةُ، بيوت تضيء ليلًا بالقرآن، واللهِ إن البيوت ﻻ تقوم على الرومانسية المزيَّفة التي تشاهدونها في المسلسلات والأفلام، بل تقوم على الودِّ والتراحم.