2023-04-28 00:49:09
مارية بنت منقذ العبدي ︎ يروى أنه كان امرأة من أهل البصرة تسمى مارية بنت منقذ العبدي, وكانت تتشيّع, وهي من ذوي البيوت والشرف, وقد قتل زوجها وأولادها يوم الجمل مع أمير المؤمنين (عليه السلام), وقد بلغها إن الحسين (عليه السلام) كاتب أشراف أهل البصرة ودعاهم إلى نصرته, وكان عندها نادٍ يجتمع فيه الناس فجاءت وجلست بباب مجلسها وجعلت تبكي, حتى علا صراخها.
فقام الناس في وجهها وقالوا لها: ما عندك ومن أغضبك ؟ قالت: ويلكم, ما أغضبني أحد, ولكن أنا امرأة ما أصنع, ويلكم سمعت إن الحسين بن بنت نبيّكم استنصركم وأنتم لا تنصروه, فأخذوا يعتذرون منها لعدم السلاح والراحلة, فقالت: أهذا الذي يمنعكم ؟ قالوا: بلى.
فالتفتت إلى جاريتها وقالت لها: انطلقي إلى الحجرة وآتيني بالكيس الفلاني، فانطلقت الجارية وأقبلت بالكيس إلى مولاتها, فأخذت مولاتها الكيس وصبته وإذا هو دنانير ودراهم, وقالت: فليأخذ كل رجل منكم ما يحتاجه وينطلق إلى نصرة سيدي ومولاي الحسين.
فقام عبدالله الفقعسي وهو يبكي ـ وكان عنده أحد عشر ولداً ـ فقاموا في وجهه وقالوا: إلى أين تريد ؟
فقال: إلى نصرة ابن بنت رسول الله.
ثم التفت إلى من حضر وقال: ويلكم هذه امرأة أخذتها الحمية وأنتم جلوس ؟ ما عذركم عند جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة.
ثم خرج من عندها وتبعه من ولده أربعة فأقبلوا يجدون السير, حتى استخبروا بأن الحسين (عليه السلام) ورد كربلاء, فجاء الشيخ بأولاده إلى كربلاء ورزقوا الشهادة.
كما تذكر التواريخ أن هناك شهيداً آخر خرج مع الحسين لما رأى خروج الشيخ عبد الله الفقعسي وأولاده لنصرة الحسين, وهذا الشهيد هو: سعيد بن عبد الله الحنفي الذي كان جديد العهد بالزواج فترك زوجته ليلتحق بالحسين، وهو الذي وقف بين يدي الحسين يوم العاشر عندما صلى (عليه السلام) بمن بقي من أصحابه فكان يتلقى السهام بصدره فلما سقط قال للحسين :
هل وفيت يا أبا عبد الله ؟ فقال له الحسين عليه السلام : نعم أنت أمامي في الجنة .
أدت مارية دورها العظيم في حث قومها على نصرة إمامهم ووفقها الله بأن اهتدى بموقفها أولئك الشهداء الذين خرجوا لينضموا إلى معسكر الحق بفضل حثها إياهم وتعبئتها لهم بما يحتاجونه من نفقة السفر وبقيت تنتظر ما ستؤول إليه الأمور وتترقب أخبار إمامها الحسين حتى وصلها خبر مقتله فلم يفارقها الحزن والبكاء حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها راضية مرضية.
99 views21:49