Get Mystery Box with random crypto!

وأمَّا التفضيل بينه وبين ‌الاعتمار ‌في ‌رمضان ‌فموضع ‌نظرٍ. فق | كتب الإمام ابن القيم

وأمَّا التفضيل بينه وبين ‌الاعتمار ‌في ‌رمضان ‌فموضع ‌نظرٍ.
فقد صحَّ عنه أنَّه أمر أمَّ مَعْقِلٍ لمَّا فاتها الحجُّ معه أن تعتمر في رمضان، وأخبرها أنَّ عمرةً في رمضان تعدل حجَّةً، وأيضًا فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضلُ الزَّمان وأفضلُ البقاع.

ولكن لم يكن الله ليختار لنبيِّه في عُمَره إلا أولى الأوقات وأحقَّها بها، فكانت العمرة في أشهر الحجِّ نظيرَ وقوع الحجِّ في أشهره، وهذه الأشهر قد خصَّها الله بهذه العبادة، وجعلها وقتًا لها، والعمرة حجٌّ أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحجِّ، وذو القعدة أوسطها.

وهذا ممَّا يُستخار الله فيه، فمن كان عنده فضلُ علمٍ فليرشد إليه.

وقد يقال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يشتغل في رمضان من العبادات بما هو أهمُّ من العمرة، ولم يكن يمكنه الجمعُ بين تلك العبادات وبين العمرة، فأخَّر العمرة إلى أشهر الحجِّ، ووفَّر نفسَه على تلك العبادات في رمضان، مع ما في ترك ذلك من الرَّحمة بأمَّته والرَّأفة بهم، فإنَّه لو اعتمر في رمضان لبادرت الأمَّة إلى ذلك، وكان يشقُّ عليها الجمع بين العمرة والصَّوم، وربَّما لا تسمح أكثر النُّفوس بالفطر في هذه العبادة حرصًا على تحصيل العمرة وصوم رمضان، فتحصل المشقَّة، فأخَّرها إلى أشهر الحجِّ.
وقد كان يترك كثيرًا من العمل وهو يحبُّ أن يعمله خشيةَ المشقَّة عليهم. ولمَّا دخل البيت خرج منه حزينًا، فقالت له عائشة في ذلك، فقال: «أخاف أن أكون قد شَقَقْتُ على أمَّتي». وهَمَّ أن ينزِل يستقي مع سُقاة زمزم للحاجِّ، فخاف أن يُغلَب أهلُها على سِقايتهم بعده. والله أعلم.

ابن القيم | زاد المعاد