2023-03-29 12:13:53
«مَن رأيته مجيبًا عن كلِّ ما سُئل، ذاكرًا كلّ ما عَلِم، معبِّرًا عن كلِّ ما شَهِد فاستدِلّ بذلك على وجود جهله»
-من الحكم العطائية لابن عطاء الله السّكندريّ.
ومعنا اليوم من سمات الجاهل، مَن يجيب عن أي سؤال ويتحدّث بكلّ شيءٍ يعرفه وكلّ شيءٍ رآه...
والجهل نوعان، بسيط، يعني عدم المعرفة فتسألني عن شيء فأخبرك أن لا أعرف.
والثّاني مركّب وهو لا يتوقّف على عدم المعرفة بل هناك معلومة خاطئة حلّت محل معلومة صحيحة مثلًا هذا كرسي وكنتُ أظنّه أريكة.
والنّوع الثّاني أصعب من الأول لأن مَن لا يعرف بالشّيء فتخبره به فعرفه بعكس من لديه معلومات خاطئة فتكون بحاجة إلى أن تعرّفه بالصّحيح وتمحو المعلومة الخاطئة بل وتقنعه بذلك.
كذلك التّسرّع والاندفاع من الجهل.
والعلم نوع من الأرزاق منحة إلهية، والدّليل تكون طالب في نفس الصّف مع غيرك وبالكاد تحتفظ بالمعلومة الّتي تحقق لك مجرد اجتياز الاختبار في حين غيرك يكون اكتسبها بحق.
قد يعرف الواحد منّا معلومة واحدة في عدة مجالات مختلفة لكن في تخصصك تعرف المزيد، فنراك تعرف شيء عن كلّ شيء وكلّ شيءٍ عن شيء.
من الطبيعي أن تسأل المتخصص في مجالٍ ما، مَن يعرف كلّ شيءٍ عن شيء، يعني لديه الكثير من العلم عن ذلك التّخصص... فيجيبك.
لكن ذلك من لديه معلومات عابرة في مختلف المجالات، يعرف شيء عن كلّ شيء، فتسأله ويجيبك! في حين إجابة مثل ذلك السّؤال تتطلّب دراسة عميقة في سنوات وذلك الشّخص يندفع بإجابته من خلال معلومة عابرة عرفها فظنّ نفسه العلّامة!
فذلك جهل وحب للظّهور وكِبر لأن ذلك الشّخص يستكبر أن يقول لا أعرف ولديه قدر عالٍ من الثّقّة لم يفكّر يومًا لربما حُرم منه!
مَن قال لا أعرف فقد أفتى، ومَن أجاب عن كل شيء فقد هلك.
كذلك لا تتحدّث بكلّ ما تعرف مَن علم؛ قد يكون مَن أمامك غير مستعد لسماعها.
وهنا يظهر الفارق بين المتعلّم من الكتب والمتعلّم على يد معلّم خاصةً لو كان علمًا شرعيًّا.
فهذا يشبه مَن يحضر باقة من الورود ويقدّمها لبقرة لمجرد أنّ الورود تسعده ولم ينتبه أنّها لن تناسب البقرة... تخيّل ردّ فعل البقرة مع باقة ورد بمبلغ وقدره بعكس إن قدّمت باقة من البرسيم!
معبّرًا عن كل ما شهد، كأن مَنَّ الله عليك بقيام الليل والخشوع بين يديه والبكاء من خشيته فيحكي عن ذلك فلا يأمن أن يُصاب بالعجُب أو قد تُسلب منه هذه المنحة الّتي شهدها.
#صباح_رمضاني
63 views09:13